يوم جديد تختلف
بدايته عن باقي الأيام... بدايته، كالعادة، انتهيت من عملٍ ما، فأقوم بإغلاق منافذه
قبل إن أتفحص عقاربه التي تشير إلى انتهاء.
- اذهبْ إلى فتاة طرابلس لتعالجها. حسناً سأمر حسان
بالذهاب. لا. اذهب انت بنفسك.
- إلا يجدر بحسان ان يذهب؟
- أنت أفضل.
حدثت نفسي لماذا
إنا؟ بالرغم من انه يوم عطلتي؟ ما الذي يميز
هذه المهمة عن الأخرى؟
يجب ان أغير ملابسي
ليصبح الزي متناسباً مع المهمة... خلعتها وارتديتها دون إن أبدلها بأخرى... انه القلق.
نزلت مسرعا إلى
ارض طرابلس، رأيت الفتاة وأحسست بأنها تخفي شيئا بداخلها. نظرت بتركيز الى عينها دون
ان تراني. قرأت الما كبيرا في لون عينيها، لكنها تترجم معاناتها لتشيع الفرحة بين اهلها.
يكاد المرض ينهش
جسدها. يحاول القضاء على بسمتها. لم تكمل عامها العشرين الا ان المرض افترس كامل جسدها.
كانت مترددة في مراجعة الطبيب،لكن حالتها لا تستطيع تحمل الألم
أكثر، ذهبت وكانت متوقعة ما تسمعه، أجريت الفحوصات المتعبة والمملة.
سالها الطبيب والارتباك
واضح على ملامحه: كم عمرك يا صغيرتي؟
- ساكمل عامي العشرين بعد اشهر قلائل
سكت برهة....
- الن اكمل عامي العشرين يا دكتور؟
- صغيرتي منذ متى تعرفين مرضك
- من سنه تقريباً
- من يعلم من اهلك
- لا احد سوى دفاتري.
نعم... لم اخبر
احد.. حتى لا يعيشون بحزن ابدي. فإذا علمت والدتي ستحزن كثيراً لفراقي، فانا ابنتها
الوحيدة، انها تحلم بيوم زفافي، وحمل أطفالي على كتفها... تتمنى نداء الجدة، لكني ما
زلت اقبلها صباحاً..... بوجه مشرق.
حاولت ان اخبر
اخي لكنه مشغول بزفافه القريب، ياتي ليلاً لغرفتي منهكا، يجلس بجانبيي يخبرني ماذا اشتريت ليوم عرسي. كيف اخبره وهو في
غاية السعادة؟. أتود مني ان اقتل فرحته.
إما والدي كنت
طوال عمري خجولة منه. فانا أحبه كثيراً...
واراه قدوتي. كنتُ احلم بفتى احلامي يشبهه. الا ان فتى احلامي قتل في انفجار
المدينة... كان يبحث عن هدية ليوم ميلادي. لعل ذاك سببا لمرضي.
هل علمت الان يا
دكتور لماذ لم اخبرهم؟ حتى لا يعيشوا بحزني. لذا يا دكتور ساترك معك هذا الصندوق
- صغيرتي: لا تنسي ان تأخذي الدواء
في اللحظة التي
اخذت الدواء.... رن جوالي نظرت الى رقم الطالب اذ هو حسان
•- نعم حسان. هل اكملت المهمة.
•- لا سأنفذها حالاً.
•- لماذا تأخرت بتنفيذها؟
•- استهوتني قصتها....
- نفذها بسرعة؟
ذهبت لمنزلها...
انفردت في غرفتها. استلقيت على السرير. مرت دقائق... تلو دقائق... فكانت اخر اللحظات.
كلمتها بصوت مختنق:"مرحبا
ايها الفتاة الجميلة"
سألتني بلهفة من
انت وكيف دخلت غرفتي؟
لن يؤلمك المرض
بعد الان... والطبيب سيقرأ وصيتكِ. نفذت المهمة الا ان قدمي لم تتحمل جسدي المثقل بالحزن...
فتح الوصية. قرائها
والكل يبكي معه. قرا كلماتها... كتبتها بلون دم حبيبيها.
كتبت... لوالدتها...
احبكِ... كنت صديقتي... وأختي. اعذريني لان حب مهند هو السر الوحيد بيننا وهو سبب قتلي.
تعلمين كنت احسدكِ على عشقكِ لوالدي
أخي الحبيب...
كم أحببتك... وكم كنت سعيدة معك وصديقاتي يتطلعن عليك معجبات بك
لا أريدك ان تؤجل
زفافك... اطلب طلباً بسيطاً ان رزقت بطفلة... فأطلق عليها اسمي.... والدي... فخري واعتزازي...
أنت مثال الأب الرائع لن أوصيك بوالدتي لأني اعلم ما بينكما من حب صادق. طبيبي.. أشكرك
من أعماق قلبي الجريح. لكتمك سري
أهلي.. أهلي..
لا تنسوا ان تكتبُوا على لافتة وفاتي ((في ارض الحب الرجال يقتلون عاشقاتهم احياء وأموات)).
تعليقات بلوجر
تعليقات فيسبوك