لا احد كان يتصور أن "بعشيقة" تلك
الناحية الوادعة في أقصى شمال العراق والتي يسكنها خليط من المجتمع العراقي، المشهورة بصناعة أجود الخمور العراقية، قد تصبح مثار جدل إقليمي ودولي كبير.
القصة بدأت بعد تطهيرها من سيطرة تنظيم
"داعش" الارهابي في 18 اب 2014، من قبل قوات "البيشمركة" المدعومة
بطيران الجيش العراقي والتحالف الدولي، ومع انطلاق فكرة "الحشد الشعبي" المساند
للقوات العراقية في حربه ضد التنظيم المتطرف، انبثقت فكرة تأسيس معسكر "زليكان"
أو "زيلكان" الواقع في "بعشيقة".
لقد أسهم بتأسيس ذلك المعسكر محافظ نينوى المقال
أثيل النجيفي في (15 تشرين الأول 2014)، أي قبل إقالته (في 28 آيار الماضي) بأكثر من
6 أشهر، اعتمادا على فكرة أن أهالي نينوى هم من يملكون الحق في تطهير محافظتهم، انطلاقا
من الأراضي المحررة من نينوى، بعد أن تعرضوا لأبشع الجرائم على يد تنظيم "داعش"،
كما يروج النجيفي لذلك.
لكن ذلك ليس كل الصورة، إذ أن هناك من يرى بأن
هدف النجيفي "المقال"، هو جلب القوات التركية الى المحافظة، وجعلها قوة تتمركز
فيها لتكون هي وحلفاؤها في العراق أبطال تحرير الموصل، لتعزيز نفوذهم، وتحقيق مكاسب
سياسية واقتصادية وعسكرية على حساب السلطة المركزية في بغداد، وهذا ما حوّل -بحسب هذا
الرأي- المعسكر من منطلق لتحرير الأراضي الى منطقة حاضنة لقوات "الاحتلال".
زليكان:
يقع معسكر زليكان في أطراف جبال ناحية بعشيقة
(42 كلم شمال شرق الموصل)، وهذه المنطقة من الناحية العسكرية تخضع لقوات "البيشمركة"،
وسياسياً تعد ضمن مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب بارزاني)، على الرغم
من أنها تضم خليطا من النسيج المجتمعي العراقي.
وتم تأسيس المعسكر، وافتتاحه بعد حصوله على الموافقات
الرسمية من الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، كونه يضم 4 آلاف مقاتل، اعتبرتهم
الحكومة جزءا من تشكيلات الحشد الشعبي وتم منحهم رواتب شهرية أسوة بمقاتلي الحشد، حيث
تراوح راتب المقاتل (500- 750) الف دينار.
وفي شهر تموز يوليو الماضي، صدر قرار من قبل
الحكومة الاتحادية في بداية الشهر بنقل المعسكر من موقعه الحالي الى بغداد، ومشاركة
المنتسبين بعمليات تحرير بعض المناطق، ومنها صلاح الدين، كما هو الحال بالنسبة لمقاتلي
أبناء قضاء تلعفر التابعة لنينوى.
بعض المقاتلين التابعين للنجيفي وافقوا على نقلهم
ولم يعترضوا بسبب تواجدهم في العاصمة العراقية، واندمجوا بباقي القوات الأمنية، أما
الآخرون فقد رفضوا ذلك، لعدم تمكنهم من المجيء الى بغداد، كونهم لا يستطيعون ترك عوائلهم
هناك لفترات طويلة، وفضلوا البقاء هناك، لذا قررت الحكومة قطع رواتب "المتخلفين"
الذين لم يظهروا أي دور عسكري لاستعادة مدينتهم أو المدن الأخرى.
لذا اعتبر النائب عن محافظة نينوى احمد عبدالله
الجبوري، في تصريح سابق هذا المعسكر "بمثابة رعاية اجتماعية"، لأن أغلب المنتمين
إليه لا يرغبون بالقتال بقدر حاجتهم الى رواتب.
وقد تعزز هذا الموقف الحكومي باجراء نيابي، مفاده
تصويت أغلبية أعضاء مجلس النواب العراقي في 28 ايار مايو الماضي، على إقالة محافظ نينوى
أثيل النجيفي.
وبعد انتخاب مجلس محافظة نينوى، (5 تشرين الاول
الماضي)، في مقره البديل ببلدة القوش بسهل نينوى، نوفل حمادي سلطان كمحافظ جديد، رفض
أثيل النجيفي تسليم قيادة معسكر زيلكان الى المحافظ الجديد باعتباره المسؤول الأمني
الاول عن المحافظة، وقام (النجيفي) بضم (1034) مقاتلا، بحسب التقديرات شبه المؤكدة،
وصرف رواتب لهم تقدر بـ(500) دولار لكل شخص وبتمويل تركي.
ومع بداية كانون الأول الحالي، نشرت قوة عسكرية
تركية مكونة من فوجين عناصرها في ناحية بعشيقة ومعسكر زليكان تحديدا، الأمر الذي أثار
حفيظة العراق، وطالب بسحب القوات فورا.
وزير الدفاع في معسكر "زليكان"
وقبل انتشار أنباء التوغل التركي داخل الأراضي
العراقية، كان وزير الدفاع خالد العبيدي قد زار معسكر زليكان في 27 تشرين الثاني نوفمبر
الماضي، والتقى بالقادة وضباط "الحشد الوطني" هناك، واطلع على الاستعدادات
الجارية لتحرير محافظة نينوى من سيطرة التنظيم.
وهذا يؤكد ما ذهب اليه بعض السياسيين من ان العبيدي
مؤيد لقوات أثيل النجيفي، عكس توجهات قيادة عمليات نينوى التي يرأسها اللواء الركن
نجم الجبوري (المعين من قبل العبادي وليس من قبل وزير الدفاع)، ويقع مقر العمليات بالاماكن
القريبة التي زارها العبيدي.
فيما اعتبر نواب عن محافظة نينوى زيارة وزير
الدفاع الى المعسكر المذكور، بأنها جاءت بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة حيدر
العبادي، للوقوف على صحة الانباء السرية التي تحدثت عن وجود القوات التركية، وأن المكتب
الاعلامي له أصدر بياناً قال فيه "تأكد لدينا بان قوات تركية تعدادها بحدود فوج
واحد مدرعة مع عدد من الدبابات والمدافع التي دخلت الاراضي العراقية وبالتحديد محافظة
نينوى بادعاء تدريب مجموعات عراقية من دون طلب أو إذن من السلطات الاتحادية العراقية".
1000 جندي تركي
إلا أن الارقام الصحيحة لهذه القوات التركية
في "زليكان"، تشير الى أنها (900- 1000) جندي وتضم (14) دبابة و(6) مدافع،
ودخلت لمعسكر "زليكان" عن طريق إقليم كردستان، وبررت أنقرة ذلك، بأن بغداد
كانت على علم، وأن هذه القوات جاءت من أجل تدريب المتطوعين لتحرير الموصل.
وليس هذا المعسكر الوحيد لتركيا في العراق، بل
إن هناك معسكرات موجودة منذ (1995) في محافظة دهوك بإقليم كردستان، وهي (آميدي، باطوفة،
بيكوفا، كاني ماسي، كاني ماسري، نيروبي، سيربه، كرى بيبيه، بامرني).
وتعرض المعسكر، مساء الأربعاء الماضي (16 كانون
الاول ديسمبر الحالي)، للقصف بـ13 قذيفة هاون، واسفر القصف عن مقتل اثنين من الحشد
الوطني أحدهم ضابط والاخر جندي، فيما أصيب 28 اخرون، كما أدى القصف الى اصابة 7 جنود
من الجيش التركي، وتبنى تنظيم "داعش" الارهابي، هذا القصف، الا أن هذا التبني
في نظر منتقدي السياسة التركية في العراق والمنطقة يراد منه تبرير الموقف التركي تجاه
المحافل الدولية بان فريقهم التدريبي يتعرض للخطر، ولابد من حمايته بعدد من الجنود
والدبابات والمدافع، بعدما اعلنت وزارة الخارجية العراقية، في (12 كانون الأول
2015)، رفع شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي بشأن دخول القوات التركية إلى الأراضي
العراقية.
http://www.khabaar.net/index.php/permalink/54260.html
http://al-aalem.com/21205-2/
http://al-aalem.com/21205-2/


تعليقات بلوجر
تعليقات فيسبوك